حسن عبداللطيف يكشف تبعات خفض سعر الفائدة علي قطاع التمويل متناهي الصغر
قال حسن عبداللطيف خبير التمويل متناهي الصغر إنه عند الحديث عن خفض سعر الفائدة غالبًا ما يُختزل في قرار واحد أو اجتماع بعينه، لكن القراءة الأكثر عمقًا لصناعة التمويل متناهي الصغر في مصر يجب أن تنطلق من الأثر التراكمي لسلسلة التخفيضات التي شهدها العام، وليس من “خفض اليوم” فقط.
وأكد حسن عبداللطيف أنه من منظور السياسة النقدية، تعكس تحركات البنك المركزي المصري انتقالًا تدريجيًا من مرحلة “كبح التضخم” إلى مرحلة تنشيط الاقتصاد بحذر. لكن السؤال الجوهري بالنسبة لصناعة التمويل متناهي الصغر ليس: هل انخفضت الفائدة؟
بل: هل انتقل هذا التحول فعليًا بنفس الوتيرة إلى نماذج العمل داخل القطاع؟
ورأي حسن عبداللطيف ان الأثر الحقيقي لم يكن في السعر… بل في السلوك، فخبراء التمويل التنموي يتفقون على أن خفض الفائدة لا يُقاس فقط بانخفاض تكلفة الأموال، بل بتغيّر سلوك المؤسسات المالية. ومع سلسلة التخفيضات خلال العام، بدأت بعض التحولات الهادئة تظهر داخل الصناعة.
واستشهد حسن عبداللطيف بعدة ظواهر منها وجود مرونة أكبر في التوسع الائتماني، واستعداد لإعادة تصميم المنتجات، ونقاش أعمق حول التوازن بين الربحية والاستدامة
وهي تحولات لم تكن لتحدث نتيجة خفض واحد، بل نتيجة إشارة نقدية متكررة أعادت توجيه بوصلة السوق، بحسب حسن عبداللطيف.
وقال إن تزامن خفض سعر الفائدة الأخير مع صدور مؤشر التسعير من الهيئة العامة للرقابة المالية يعكس لحظة كاشفة للصناعة، حيث أصبح اتجاه السياسة النقدية وانضباط التسعير الرقابي معًا اختبارًا عمليًا لمدى قدرة شركات التمويل متناهي الصغر على تحويل التيسير النقدي إلى قيمة حقيقية يشعر بها العميل.
واعتبر ان تكلفة الأموال انخفضت ولكن بدرجات متفاوتة.
وتطرق حسن عبداللطيف الي ان الأثر التراكمي للتخفيضات لم يكن موحدًا بين جميع الشركات، فهناك شركات ذات علاقات تمويل قوية شعرت بالأثر مبكرًا، بينما ظهر الأثر بشكل أبطأ أو محدود لدى أخرى،وهو ما كشف فروقًا هيكلية داخل الصناعة نفسها، بدلًا من أن يخلق تأثيرًا عامًا متساويًا.
بعيدًا عن الجدل حول التسعير، فإن الأثر الأهم يظهر عند الحلقة الأخيرة في السلسلة، فعميل التمويل متناهي الصغر.
خفض الفائدة المتراكم ترجم نفسه بهدوء في قسط أخف لعميل التمويل متناهي الصغر، يمنح المشروع الصغير مساحة تنفّس بدلًا من الضغط، وهو ما ينعكس عمليًا في انتظام السداد قبل أن يظهر في أي مؤشرات رقمية.
وهذا تحديدًا هو الفارق الذي لا يلتقطه التحليل النظري بسهولة، لكنه يُرى بوضوح داخل المحافظ الائتمانية.
التسعير المسؤول دخل اختبارًا حقيقيًا
مع هذا المسار النزولي للفائدة، لم يعد التسعير ملفًا ثابتًا. فآلية التسعير المسؤول دفعت الشركات إلى إعادة طرح سؤال جوهري: هل السعر الحالي ما زال يعكس الواقع بعد عام من التيسير النقدي؟
الشركات التي أعادت بناء نماذجها على أساس تكلفة أموال متغيرة ومخاطر فعلية، بدأت تكتسب ميزة تنافسية رقابيًا وسوقيًا في آن واحد، وفقا لحسن عبداللطيف.
من إدارة الأزمة إلى إدارة النمو
لسنوات، اعتادت صناعة التمويل متناهي الصغر العمل بعقلية إدارة المخاطر والاحتواء. لكن الأثر التراكمي لتخفيضات الفائدة خلال العام بدأ — ولو تدريجيًا — في دفع القطاع نحو التفكير في النمو المنظم، تحسين جودة المحافظ، تصميم منتجات أقل ضغطًا وأكثر توافقًا مع دورة نشاط العميل.
ورأي حسن عبداللطيف ان خفض الفائدة المتراكم لم يكن مجرد دعم للسيولة، بل كان اختبار نضج حقيقي لصناعة التمويل متناهي الصغر، فالرهان لم يعد على من يخفض السعر أكثر، بل على من يعيد ضبط العلاقة بين التسعير، المخاطر، وحماية العميل في ضوء واقع نقدي جديد.


















