سي نيوز

الأخبار أينما كنت

أخبار

نظام العمل لثماني ساعات .. كيف نشأ وهل يتغير

نظام العمل لثماني ساعات .. كيف نشأ وهل يتغير

تدور ثقافة العمل في الولايات المتحدة والعالم حول قيام الموظفين بالعمل لمدة 8 ساعات في اليوم لـ 5 أيام في الأسبوع، وقد ظل هذا النظام القياسي مستقراً عند هذا المستوى منذ الحرب العالمية الثانية.

 

– بيْد أن استقرار الولايات المتحدة على هذا النظام لم يكن بسبب اتحاد أو شركة أو قانون بعينه، بل كان نتاج مزيج طويل ومُعقد من الإجراءات العمالية، والتسويات السياسية، والشركات الرائدة، والمنافسة الاقتصادية.

 

– الذين طالبوا بإعادة النظر في هذا النظام، لأنهم يرونه عبئا على صحة الموظف وسلامته النفسية ومقيدًا لإنتاجية المؤسسة في الوقت نفسه.

 

– وبشكل عام، كان هناك انخفاض مطرد في طول يوم العمل منذ القرن التاسع عشر وحتى الحرب العالمية الثانية.

 

– تزامن ذلك مع انخفاض حاد خلال عشرينيات القرن الماضي، حسبما قال المؤرخ الاقتصادي “بنيامين هونيكوت” Benjamin Hunnicutt، الأستاذ في جامعة أيوا.

 

– في منتصف القرن التاسع عشر، كان العمل لأكثر من 70 ساعة أسبوعيًا أمرًا شائعًا، وفقًا للخبير الاقتصادي “روبرت وابلز” Robert Whaples، الأستاذ في جامعة ويك فورست.

 

– وضع “وابلز” جدولًا زمنيًا مفصلاً حول تطور ساعات العمل في الولايات المتحدة لصالح جمعية التاريخ الاقتصادي.

 

– وبالنظر إلى أن الناس كانوا يعملون عادة 6 أيام في الأسبوع في ذلك الوقت، فإن ذلك يعني ما يقرب من 12 ساعة في اليوم.

 

– ولا يعني ذلك أنه لم تكن هناك أمثلة في أوائل القرن العشرين لأشخاص يخصّصون وقتًا أطول من ذلك بكثير.

 

– على سبيل المثال، في نهاية الحرب العالمية الأولى، كان عمال الأفران العالية في صناعة الصلب يسجلون عادة 84 ساعة في الأسبوع.

 

– أشار “وابلز” إلى أن هذه الساعات الطويلة بشكل مبالغ فيه كانت محل استنكار كبير وقضية رئيسية في الإضراب الذي بدأ في سبتمبر 1919.

 

– ورغم أن الإضراب قد فشل، إلا أنه بعد مرور 4 سنوات خفضت شركة يو إس ستيل (US Steel) يوم عملها من 12 ساعة إلى 8 ساعات.

 

الشركات الرائدة وضجة يوم عمل مدته 6 ساعات

 

 

 

– في بدايات القرن العشرين استجابت قلة من الشركات الغربية للنضال العمالي وبدأت تتحول إلى نظام الساعات الثماني.

 

– لكن هذا التحول لم ينل حظه من الاهتمام والصيت إلا عندما تبنته شركة فورد للسيارات، تحت قيادة رجل الصناعة هنري فورد في الولايات المتحدة عام 1926، والذي قام بتأسيس نظام عمل أسبوعي مدته 8 ساعات يوميًا لمدة 5 أيام.

 

– ثم برزت فكرة العمل الأسبوعي لمدة 6 ساعات أثناء أزمة الكساد الكبير بسبب ارتفاع معدلات البطالة.

 

– وفي عام 1930 قررت شركة “كيلوج” (Kellogg) إنشاء نوبات عمل مدتها 6 ساعات بدلاً من نوبات العمل التي تستغرق 8 ساعات، مع بعض التخفيض في أجور العمال.

 

– أتاحت هذه الخطوة لشركة “كيلوج” إعادة توظيف الموظفين الذين تم الاستغناء عنهم وتوظيف أشخاص آخرين عاطلين عن العمل.

 

– كان هذا النظام مدفوعًا أيضًا بقناعة أن منح المزيد من الوقت للعمال سيعود بالنفع على المجتمع ككل.

 

– في غضون عامين، بدأ العمال يكسبون في 6 ساعات ما كانوا يكسبونه في 8 ساعات.

 

– جذبت خطوة “كيلوج” الاهتمام الوطني، وسرعان ما كان هناك ضغوط لسّن تشريع فيدرالي يقضي بيوم عمل مدته 6 ساعات.

 

– لكن مشروع القانون الذي يهدف إلى تحديد أسبوع عمل مدته 30 ساعة مؤقتًا، والذي تمت الموافقة عليه في مجلس الشيوخ، فشل في مجلس النواب.

 

– وبعد فترة وجيزة، وتحديدًا في عام 1933، وقّع الرئيس المنتخب حديثًا “فرانكلين روزفلت” Franklin Roosevelt على قانون التعافي الصناعي الوطني.

 

– وقد أبرم أصحاب العمل بموجبه اتفاقيات طوعية لتحديد مدة العمل الأسبوعي للعامل من 35 إلى 40 ساعة عمل أسبوعيا ودفع حد أدنى للأجور يتراوح بين 12 إلى 15 دولارا في الأسبوع.

 

– ولكن بعد عامين، قضت المحكمة العليا بأن القانون الجديد غير دستوري بسبب بند يتعلق بذبح الدجاج.

 

قانون معايير العمل العادلة

 

 

 

– على الرغم من إبطال القانون الجديد، واصل المشرّعون والنقابات الضغط من أجل تحسين ظروف العمل.

 

– في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، ابتكروا شيئًا من شأنه أن يُرسي نظام العمل الثماني في جميع المجالات، بالإضافة إلى تحديد الحد الأدنى الفيدرالي للأجور وتقديم شبكة حماية لعمالة الأطفال.

 

– في عام 1938، وقع “روزفلت” على قانون معايير العمل العادلة، الذي ينص على أنه يجب على أصحاب العمل دفع أجر إضافي للموظفين الذين يعملون أكثر من 40 ساعة في الأسبوع.

 

المقايضة الدائمة بين الوقت والمال

 

 

 

– لم يدم نظام “كيلوج” المكوّن من 6 ساعات في اليوم، والذي كان شائعًا لدى الموظفين عندما تم تطبيقه.

 

– وبحلول أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، اختار غالبية الموظفين استئناف العمل لمدة 8 ساعات في اليوم.

 

– وقال العديد من العاملين في شركة “كيلوج” إن الدافع وراء عودتهم إلى يوم عمل أطول، هو حاجتهم إلى المزيد من المال.

 

– ستفوق تلك الحاجة دائما احتمالية ساعات عمل أقصر، فعاملو “كيلوج” كانوا على استعداد لاستبدال أجور أعلى مقابل وقت أقل في العمل.

 

– اليوم، بطبيعة الحال، غيرت الجائحة آراء الناس حول الوقت الذي يقضونه في العمل، مقارنة بجوانب هامة أخرى من حياتهم، مثل وقت العائلة.

 

– وهنا يتساءل المؤرخ الاقتصادي “هونيكوت” عما إذا كان الموظفون من جيل “زد” وجيل الألفية قد يُقدمون على اتخاذ خيارات مختلفة عن تلك التي اتخذتها الأجيال السابقة.

 

– ويختتم بقوله إن فترة الجائحة قد غيرت الكثير من المفاهيم والتصورات، وإنه حان الوقت للبحث عن طريقة للجمع بين الاستمتاع بالحياة بشكل كامل والقيام بالعمل على أكمل وجه.